كان هناك واحد مقصص (من يقوم بطلاء البيوت بالجص) وصاحب مطعم كانوا جيران وأصحاب في نفس الوقت وفي يوم من الأيام قرر المقصص أن يؤدي فريضة الحج وقد كان يملك خمسمائة ريال فرانصي مخبأة في قرعة (جلد ماعز) فقرر أن يخبأها عن صديقه صاحب المطعم فأخبره قائلا: هذه خمسمائة ريال فرانصي شقى عمري وباخليها عندك أمانة وبيني وبينك الله الذي لايخفى عليه شيء وبيننا عيش وملح وأنا واثق فيك أن تحفظها عندك وإذا توفاني الله تبني بها أي محسنة فقال له صاحب المطعم: توكل على الله هذه أمانة في عنقي وأعطاه المقصص بصائر البيت ومفتاحها وقال له: إذا مت بيع البيت ووفي قيمة المحسنة اللي ترضي الله وسافر المقصص لأداء فريضة الحج وعاد مع العائدين وخرج أبناء صنعاء لاستقبالهم كما كانت العادة وكان صاحب المطعم بينهم فسلم للمقصص مفتاح البيت وبعد أن أستراح المقصص من عناء السفر طالب صاحب المطعم بالقرعة الدارهم فأنكر المقصص وقال أنت ما أعطيتني إلا بصائر البيت والمفتاح فقال له : أتقي الله رد صاحب المطعم: روح اشتكي وذهب المقصص إلى عامل صنعاء القاضي الآنسي وشرح له القصة فاستدعى القاضي الآنسي صاحب المطعم وسأله عن القرعة فانكر صاحب المطعم فسأل القاضي الآنسي المقصص عن أوصاف القرعة فوصفها له وفتشوا عنها في بيت صاحب المطعم فوجدوها وأراد القاضي الآنسي أن يعيدها إلى المقصص فصاح صاحب المطعم: هذا حكم باطل كيف تسلم تعبي وشقى عمري اللي كسبته من الطباخة للمقصص بدون حق ولا شهود! فأمر القاضي الآنسي أن يأتو بقدر نظيف فيه ماء حار ففتح القاضي القرعة ووضع فيها الريالات الفرانصي وسأل المقصص : إذا كانت الدراهم من كسب عملك كما تقول فسوف يظهر على وجه هذا الماء الدسومه فصاح الحاضرين : هذا لا شك فيه وبقيت الريالات عدة دقائق في الماء الحار ولم تظهر دسومة وطلب أن يفرغوا القدر من الماء وعندما رأوا ما تبقى في قعر القدر رأوا كمية من مادة الجص والتي أخرجها الماء الحار من الريالات فصاح الحاضرين : صدقت ياقاضي عندها بكى صاحب المطعم قائلا: عند الله وعندك ياعامل صنعاء أرحمني فقد سولت لي نفسي خيانه الأمانة وسلم القاضي القرعة للمقصص وقام بمعاقبة صاحب المطعم الخائن..